متحدثون: الأردن نموذج في الوئام بين الأديان

ثقافة وفن: متحدثون: الأردن نموذج في الوئام بين الأديان

أكد متحدثون، في ندوة موسعة عقدها المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام، بالشراكة مع كاريتاس الأردن، بعنوان: "تمتين الأخوة عبر الفن والثقافة"، في قاعة كرم إمسيح، التابعة لكنيسة اللاتين بعمان، اليوم الخميس، أن الأردن يعتبر نموذجاً في الوئام بين الاديان.
وفي الندوة التي عقدت بمناسبة أسبوع الوئام بين الأديان ويوم الأخوة الإنسانيّة، وحضرها سفير دولة الامارات العربية المتحدة في الأردن أحمد علي محمد البلوشي، والقائم بالأعمال في سفارة الكرسي الرسولي "الفاتيكان" المونسينيور ماورو لاللي، وعدد من الأكاديميين والنواب والإعلاميين ورجال الدين الإسلامي والمسيحي، شددوا على أهمية الفن والثقافة ودورها في تهذيب النفوس والسمو بالوجدان وخلق أجواء المحبة بين الناس على مختلف مرجعياتهم الدينية.
وفي كلمته الافتتاحية، أشار مدير المركز، الأب الدكتور رفعت بدر، إلى أنّ أسبوع الوئام بين الأديان أُنشىء بمبادرة أردنيّة صادقت عليها الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بالإجماع، وذلك لأنها تدرك أهميّة هذا الأمر، لافتاً إلى أنّ الدولة الأردنيّة التي تقدّمت بهذا الاقتراح أرادت أن تعكس الصورة الأردنيّة، والحياة اليوميّة، لتتحوّل إلى مبادرة أمميّة يجري إحياؤها في الأسبوع الأول من شهر شباط من كلّ عام.
وثمن الأب بدر دور جلالة الملك عبدالله الثاني الذي أنتج هذه المبادرة، منوهاً بدور المجتمع الأردني في عكس الصورة الحضارية المشرقة من العيش المشترك والوئام والتي وُسمت على جبين الأردنيين بأنّ الدين إخاء وموّدة وسلام، ومؤكدًّا أنّ هذه المبادرة الأردنيّة الهاشميّة الرائدة صنعت من وئام العالم والأديان مدرسة عالميّة، يزداد تلاميذها ومعلموها يومًا بعد يوم.
وأشار الأب بدر في الندوة، التي أدارتها الإعلامية كاتي فراج، إلى أنّ اليوم الدولي للأخوّة الإنسانيّة هو استذكار للوثيقة التاريخيّة الموقّعة في أبوظبي بين قداسة البابا فرنسيس وفضيلة شيخ الأزهر أحمد الطيّب عام 2019، ويتم إحياء هذا اليوم بعد مصادقة هيئة الامم المتحدة، مبيناً أن الوثيقة تدعو الفنانين إلى تمتين الأخوّة عبر الفن والثقافة، من خلال تعزيز قيم السلام والعدل والخير والجمال والعيش المشترك في أعمالهم.
وفي كلمة له دعا القائم بأعمال السفارة البابويّة في الأردن المونسنيور لالي إلى تعزيز ثقافة الأخوّة في المجتمعات بدلاً من ثقافة الخوف من الآخر أو إقصائه، مشيرًا إلى أنّ الوباء الحالي ليس المرض الوحيد الذي يجب مكافحته، إذ سلطت الجائحة الضوء على أمراض اجتماعيّة أوسع، ومنها مرض الرؤية المشوّهة للفرد، وهي نظرة تتجاهل كرامته وعلاقته الإنسانيّة.
ولفت إلى أنّ رسالة قداسة البابا فرنسيس "كُلّنا أخوة وأخوات"، ووثيقة الأخوّة الإنسانيّة، تشدّدان بأنّه لا بديل عن تمتين قيم الأخوّة الإنسانيّة للسير قُدمًا نحو الأمام، فالمستقبل يجب أن يحمل معه علامة أمل في العيش المشترك والتضامن والتعاون بين الجميع"، والتي أكد فيها أهميّة الدور التي تلعبه الأديان في هذا السياق بتأسيس ثقافة تكون الأخوّة منهجها، وتسعى دائمًا نحو الخير الإنسانيّ الحقيقي.
وألقى الشيخ الدكتور حسان أبو عرقوب، كلمة دائرة الإفتاء الأردنيّة، بيّن فيها أنّ الإسلام قد بنى أحكامه على عدّة قواعد من أهمّها أنّ هذا الإنسان مكرّم؛ "ولقد كرّمنا بني آدم"، وهذا الإنسان يشمل الجميع، فكلّ إنسان يستحق التكريم بحكم إنسانيته. وأشار إلى قاعدة ثانيّة هي "لا إكراه في الدين"، وكأن المشرّع يقول بأنّ وجود الاختلاف في الأفكار والأديان والمعتقدات هو أمر طبيعي، كما أورد قاعدة الحوار كأرضيّة مشتركة للعمل من أجل الصالح العام للمجتمع والوطن والإنسان.
وقال الشيخ ابو عرقوب "لقد استوعب الأردن قيادة وشعبا هذه القواعد، من خلال أنموذجه في العيش المشترك، وأراد جلالة الملك عبدالله الثاني أن يصدّر هذه التجربة الأردنيّة للإنسانيّة، وكانت على 3 مراحل: داخل الخطاب الإسلامي نفسه من خلال إطلاق "رسالة عمّان"، ثمّ الإسلامي المسيحي من خلال مبادرة "كلمة سواء"، ثمّ كان الخطاب إنسانيًّا من خلال أسبوع الوئام بين الأديان"، مشددًا بأنّ هذه المبادرات هي انعكاس للتعاليم الدينية وللعيش المشترك.
وألقى الباحث الدكتور عامر الحافي، ممثّلا عن المعهد الملكي للدراسات الدينيّة، كلمة أكد فيها بأنّ الوجود الإنسانيّ في العالم أراده الله عزّ وجلّ من أجل المحبّة، داعيًا إلى ضرورة استخدام الفن والموسيقى من أجل الوصول إلى الأخوّة وتدعيمها.
واشاد السفير البلوشي، في مداخلة له، بالنموذج الأردني للعيش المشترك والوئام بين الاديان.
وخلال الندوة، جرى عرض فيلم من إعداد المركز الكاثوليكي حول أسبوع الوئام بين الأديان ويوم الأخوّة الإنسانيّة، كما تمّ عرض فيلم آخر تحدّث عن واحد من مشاريع الكاريتاس الأردنيّة الخيريّة وهو تعليم الموسيقى للأطفال كمشروع ثقافيّ وإنسانيّ في خدمة السلام.
وقدّمت خلال الندوة عدة مداخلات من قبل الحضور شدّدت على ضرورة تعزيز قيم الوئام والأخوّة في المجتمع، من خلال المناهج الدراسيّة في المدارس والجامعات، وأهميّة ودور الإعلام والمبادرات الشبابيّة في هذا السياق، لافتين إلى العديد من الأمثلة التاريخيّة لاستخدام الفن والثقافة كطرق إيجابيّة في تدعيم هذه القيم.
وتحدث نزيه باسيل حدادين عن خبرته اليوميّة في العيش المشترك في الأردن، مشيرًا إلى أنه لبى طلب جاره الذي يعمل إماما لأحد المساجد حين تعطلت سيارته يوم الجمعة الماضي وقام بإيصاله لإقامة صلاة الجمعة وانتظره الى حين انتهائها والعودة به إلى منزله، وفوجئ أثناء انتظاره بأن المصلين في الجامع قاموا بالدعاء له لمبادرته هذه.
ودعا البيان الختاميّ، الصادر عن الندوة، العاملين في مجال الفن والثقافة إلى المساهمة، عبر أعمالهم ونشاطاتهم، لخدمة قيم الوئام والأخوّة، وإلى استخدام الفن والثقافة، بأشكالها المتعددة، في تمتين غرس الصداقة بين البشر المتساوين في الكرامة الإنسانيّة، وفي العبادة لله الواحد الخالق والمُحب للجميع دون استثناء، مشجعًا كلّ مبادرة من شأنها تقريب الناس ومضاعفة التفاهم والتعاون والأخوّة بينهم في خدمة الإنسان والإنسانيّة.

تاريخ النشر: 
2022.02.05 - 3:30 pm