مقالات ودراسات: بمناسبة اليوبيل الفضي .... بقلم : أ.د. ماجد أبو زريق / رئيس جامعة إربد الأهلية
تحتفل المملكة الأردنية الهاشمية هذه الأيام بمناسبة اليوبيل الفضي مناسبة تاريخية هامة وعزيزة على قلب كل مواطن يعيش تحت سمائها، ونقول بهذه المناسبة :
أنّه إذا كان تقدم الأمم يقاس بإنجازاتها الحضارية، فإن تاريخ هذه الأمم لا يسطره سوى رجالاتها كالملك عبدالله الثاني بن الحسين الذي ضرب المثل العظيم في الوطنية من أجل تحقيق أمل المملكة الأردنية الهاشمية والذي شكل وفق رؤى وتصورات جلالته مرتكزًا لسياساته الاقتصادية، والاجتماعية، والسياسية التي ارتقت سلمها المملكة.وعليها استمرت نهضة الأردن في خطاها الصاعد نحو مستقبل واعد.
وعلى هذا تشكل مناسبة اليوبيل الفضي للجلوس الملكي حدثا وطنيا غزير الدلالات في تاريخ المملكة الأردنية الهاشمية الحديث والمعاصر، فقد كان هذا الجلوس مناسبة أردنية لتجديد العهد بين العرش والشعب على الاستمرار في بناء الأردن الحديث. وعليه يعتبر هذا الجلوس الملكي يوما مشهودا في تاريخ المملكة المعاصر لأن الاحتفال به، لا ينحصر مغزاه فقط في تجسيد الولاء الدائم للقيادة الأردنية المجيدة. إنه يؤكد أيضا، وبصورة متجددة، رسوخ البيعة المتبادلة بين الملك والشعب، للمضي بالمملكة الأردنية الهاشمية في طريق التقدم والازدهار، والتنمية والاستقرار. كما يجسد الوفاء لثوابت الأمة ومقدساتها.
فهذه المناسبة فضلا عن كونها ترسيخ لمفهوم الجلوس الملكي تعتبر مرحلة رائعة لتقوية نهضة المملكة الأردنية الهاشمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتربوية والدينية، كما أنها شكلت نقطة انطلاق لعهد جديد، وانبعاث جديد للأمة، ومفهوم جديد للتعاطي مع القضايا الوطنية، والتخطيط لمستقبل البلاد برؤية ثاقبة لإعطاء روح جديدة للمملكة الأردنية الهاشمية. وانطلاقًا من هذه المناسبة والتي يتجلى مضمونها ويتجسد في أبعاد كثيرة من التزامات جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين والمتمثلة في:
الاستمرار في مواصلة مسيرة التنمية والتحديث للمجتمع الأردني وصولاً إلى مستوى الدولة العصرية المزودة بالعلم والمعرفة والمالكة لأسباب القوة والمنعة الذاتية لتأخذ مكانتها اللائقة بين الدول المتقدمة، وهذا ما عبرت عنه رؤى وتطلعات جلالة الملك بقوله:"لقد كان موضوع التنمية الاقتصادية وإعادة هيكلة اقتصادنا الوطني وتفعيل دور القطاع الخاص، وإيجاد المناح الاستثماري الجاذب، وتوفير البنى التحتية على رأس أولوياتنا وأهدافنا الوطنية". كذلك برزت رؤى أفكار جلالة الملك عبر مسيرته بسياسة الاستقرار وتوسيع مؤسسات الدولة، وتطوير الأجهزة الإدارية المؤهلة لذا عبر جلالة الملك عن ذلك وفور استلامه سلطاته الدستورية بقوله" سنواصل خطواتنا لإعادة هيكلة الإدارة وتحديثها والقضاء على البيروقراطية، وتحديث الإجراءات وتبسيطها، والعمل بأسلوب مؤسسي تسوده روح الفريق الواحد وفتح المجال أمام الكفاءات والقيادات الإدارية".
ومن مضمون هذا اليبوبيل الفضي معالم النهج السياسي لجلالة الملك الذي ارتكز عليه في تحديد مسارات الدولة المستقبلية، والمتمثلة بتعميق أسس المشاركة الديمقراطية القائمة على التعددية في تسيير دفة الحكم. ذلك تتجلى مسيرة اليوبيل الفضي للجلوس الملكي في أبعاد أخرى تتمثل بـــــ:
البعد الوطني: الذي كان حاضرًا بقوة منذ تسلم جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين، مقاليد الحكم، فبدأ بالعمل وفق استراتيجية ثابتة المعالم والأركان، حيث اختار جلالته المنهج التخطيطي الشامل بأبعده الاقتصادية والاجتماعية والتنظيمية، وبشقيه التوجيهي والتأشيري، مع زيادة الأهمية النسبية للتخطيط، بما يتماشى مع الزيادة المطردة لإسهامات القطاع الخاص في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وذلك من أجل التعجيل بنمو القطاعات المختلفة للاقتصاد الوطني.والبعد العربي والإنساني: الذي جسد المد المكاني للفكر التنموي لجلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين، فتبوأت من خلال المملكة مكانة مرموقة ذات مقومات فعلية، مؤثرة في حركة العالم العربي والإسلامي، حيث استطاع جلالته أن يجسد الإردتين الأردنية العربية والإسلامية في هذا العالم بالحكمة والتخطيط واستيعاب كل متغيرات العصر. لقد قدمت المملكة للعالم العربي والإسلامي النموذج الأمثل في تجسيد القيم الإسلامية، قيم العدالة والحق والسلام، وعليه ارتبط صنع القرار السياسي الأردني بالعروبة والإسلام.وكذلك تجسد اليبويل الفضي بالبعد العالمي: والذي ظهر البعد جليًا في سياسة جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين، رسميًا، فجلالته يدعو دائمًا إلى أسس مشتركة، قادرة على تحقيق الحد الأدني من طموحات شعوب هذه الدول، وقد كان دور الأردن بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين، نابعًا من التوجه الإنساني إلى مساعدة الإنسان أينما وجد. ولتحقيق ذلك حرص جلالة الملك على التأكيد على إقامة علاقات متكافئة مع القوى الكبرى والتي ارتبطت معها بشبكة من المصالح والتي يمكن وصفها بأنها جاءت انعكاسًا لدورها المحوري المتنامي في العالمين العربي والإسلامي، والتي سعت من خلاله إلى توسيع دائرة التحرك الأردني على الصعيد الدولي.
وأخيرًا يمثل اليوبيل الفضي للجلوس الملكي بعدًا موجهًا رئيسًا لعلاقات أبناء الأردن بعضهم بعضًا، حين يشكلون كلاً منهم ذاتًا مستقلة عن الآخر، ليتفاعلون فيما بينهم فيشكلون معًا الذات الأهم الأكبر التي تضم كل المواطنين وتلك هي ذات الدولة الأردنية.
وكل عام وجلالة الملك وولي عهد والشعب الأردني بخير