الرئيس المجالي : رجل الحكمة والسلام .... كتب : د. عدنان الطوباسي

مقالات ودراسات: الرئيس المجالي : رجل الحكمة والسلام .... كتب : د. عدنان الطوباسي

تاريخ النشر: 
2023.01.04 - 3:00 pm

لم أكن قد بلغت الثالثة والعشرين من العمر بعد حينما بدأت العمل في رحاب الجامعة الأردنية، ومن حسن الطالع أن يكون دولة الأستاذ الدكتور عبد السلام المجالي يعود لقيادة الجامعة لفترة رئاسته ثانية منذ العام 1980 وحتى العام 1988..
أنها ثماني سنوات عامرة بالانفتاح والثقافة والعلم، هي فترة خصبة بالنسبة لفتى مثلي يدخل أبواب العمل، ليعمل تحت إشراف رجل ثاقب الرؤية، حكيم، حازم متطلع لأفاق مستقبلية.. ومن حسن حظي أنني كنت أعمل في مجال الإعلام، محرراً في مجلة أنباء الجامعة التي كان الأستاذ الرئيس يحبها ويهديها لكل زواره .. وبحكم عملي كنت أرافق الأستاذ الرئيس في جولاته ولقاءاته مع أعضاء هيئة التدريس وحواراته مع الطلبة، وكيف كان يصطف مع الطلبة في مطعم الجامعة ليتناول وجبة الغداء كأنه واحد منهم، وكيف كان عند الساعة الواحدة ظهراً ينزل من مكتبه في علياء الجامعة يعبر الطرقات شامخاً كلما رأى ورقة هنا أو كاساً فارغة هناك يحملها ويضعها في سلة المهملات كي يعود الناس كيف يحافظون على نظافة جامعتهم..
كان يكرس أسبوعاً في العام ليكون هناك مهرجان سنوي في الجامعة يرتادها الناس من كل أنحاء الوطن.. كان يجتمع بأعضاء هيئة التدريس كل ثلاثاء من الساعة الخامسة إلى الثامنة مساءً ثم يحتفل بهم على عشاء فاخر..
كان لديه مجلس أمناء كبير من كبار رجالات العالم العربي.. كان شغوفاً بتطوير كليات الجامعة، وإنشاء كليات جديدة.. كان قوياً في الدفاع عن الجامعة ولا يسمح لأحد التدخل بشؤونها.. كان لديه مجلس عمداء معظمهم تولى مناصب وزارية أو رؤساء جامعات.. كان يؤمن بأن البحث العلمي مسيرة تقدم للباحثين والجامعات... كان حريصاً أن يطور الموظفين ويرسلهم في دورات خارجية.. كان يؤمن بالعمل الجماعي وحرية الرأي والرأي الآخر.. كان.. وكان.. وكان..
علمني دولة الأستاذ الدكتور عبد السلام المجالي.. أن أكون إدارياً قيادياً... شغوفاً بالعمل.. استثمر الوقت.. أصبر على الشدائد.. تواقاً إلى التجديد.. جريئاً في قول الحق.. متسامحاً.. قادراً على الابداع.. منفتحاً على الآخرين.. متسلحاً بالعلم والإيمان.. وأن الحياة لا تحتمل الضعفاء.. والمعرفة قوة..
يرحل دولة أبا سامر مظللاً بالمحبة والذكريات التي لا تموت.. وقد ترك إرثاً للوطن يدوم ويدوم..
أحر العزاء لسامر وشادي ود. سوسن وآل المجالي الكرام وكل الوطن.. ورحم الله أستاذنا الكبير دولة أبا سامر وأسكنه الفردوس الأعلى..