رياضة وصحة: المسخّن أكلة تراثية فلسطينية تسجل حضورها على مائدة رمضان

تجتمع العائلة على مائدة واحدة عند حلول المغرب كل يوم من أيام الصيام لتناول وجبة الإفطار التي تتفنن فيها ربات البيوت، فتقوم بإعداد أشهى وأطيب الأكلات، ولا سيما الأكلات التراثية المرتبطة بحكايات الأجداد وطقوسهم.

ومن الأكلات التراثية على سبيل المثال لا الحصر: المفتول، المقلوبة، المسخّن، العكّوب، المجدرة، الرقاق والعدس (الرشتة)، وغيرها.

حين تملأ البيت رائحة البصل وترى زيت الزيتون ينسكب بسخاء في الوعاء وأرغفة خبز "الطابون" تصطف بعناية بانتظار إعدادها وإدخالها الفرن، والدجاج يغلي على النار مع المطيّبات التي تدغدغ شهيتك، وأصابع الأم الطاهية المغرمة تصطبغ بلون السمّاق الأحمر فاعلم أن المسخّن قيد التحضير.

لتحضير المسخّن يتم تجهيز كميات وفيرة من البصل وتقسيمها إلى قطع صغيرة قبل طهيه مع زيت الزيتون والسماق (غيتي)
أكلة عريقة
تقول خبيرة الاقتصاد المنزلي سميرة كيلاني إن هذه الأكلة عريقة وقديمة قدم جذور الزيتون الضاربة في أرض فلسطين، فهي تجمع خيرات الأرض وتتصدر الموائد، خصوصا مع موسم الخير وامتلاء البيوت بزيت الزيتون، وكذلك في رمضان.

وتشرح كيلاني بشغف طريقة إعداد المسخّن قائلة "تسلق ربة البيت قطع الدجاج، وبانتظار نضوجه تحضّر كميات وفيرة من البصل، فتقسمه إلى قطع صغيرة وتقوم بطهيه مع زيت الزيتون وتطييبه بالسماق، وبعد أن تتشبع شرائح البصل بطعم السماق الحامض وتغرق بالزيت تمدها اليد الماهرة على أرغفة خبز الطابون، وتحمّرها بالفرن، رغيفا تلو آخر، ثم تضع قطع الدجاج بعد أن تنضج في صينية الفرن وتدهنها بالزيت والسماق والبهارات وتدخلها حتى تتحمّر وتكتسب اللون الأحمر، وتزين أرغفة المسخّن الشهية باللوز المحمص".

وتشير إلى أنه إلى جانب هذه الوجبة الفاخرة يقدم صحن من شوربة مرق الدجاج بالشعيرية.

وتصف كيلاني الدفء الأسري عند تناول أكلة المسخّن قائلة "تجتمع العائلة وضيوفها حول المائدة المغمورة بالحب والأطايب والخير، يمسكون قطع الخبز بزيتها وبصلها وسماقها مع قطع من الدجاج الذائب بالطعم الذي لا يقاوم".

"رولات".. ومأثورات شعبية

وعن إدخال الإضافات إلى هذا الطبق الشعبي الفلسطيني، تقول كيلاني "تطور المسخّن قليلا هذه الأيام تماشيا مع إيقاع الحياة السريع، فأصبح المسخّن على شكل "رولات" ملفوفا بخبز رقيق ومصفوفا في صينية صغيرة ويقدم كمقبلات".

لكنها ترى ذلك تقليدا غير موفق لأكلة تراثية من صميم المطبخ الفلسطيني الأصيل، معلقة "المسخّن يعني أن تُغرق أصابعك بزيت الزيتون وتصطبغ باحمرار السماق، يعني إشباعا لحواسك، واجتماعا مع أحبتك، وتجربة لطعم أصيل تتوق إليه باستمرار".

من جهته، يقول الباحث وخبير التراث نايف النوايسة "إذا كان الطعام ضرورة لكل الكائنات فقد أصبح منذ خلق الإنسان مبنيا على أصول لا بد من مراعاتها، ويتطلب أدوات وطرائق متطورة لطهيه وإعداده".

وثمة من يرى أن المنسف الأردني بصورته القديمة هو من أقدم أشكال الطعام المحلي المرتبط بتاريخ الأقوام الذين سكنوا البلاد، كالمؤابيين والأنباط والعمونيين والأدوميين، وفق النوايسة.

وأضاف النوايسة "أما المسخّن فهو طعام وافد إلى الأردن من فلسطين بفعل العلاقة الأخوية بين الشعبين الأردني والفلسطيني، ومن نتائج اللجوء القسري للفلسطينيين إلى الأراضي الأردنية".

المسخّن في موسم عصر الزيتون

ويصف النوايسة المسخّن بأنه "أكلة جماعية تلتف حولها الأسرة، خاصة في موسم عصر الزيتون، ويقدم معها لبن رايب أو شنينة أو سلطه الحراثين، كما تسجل حضورها في المائدة الرمضانية والمناسبات الاجتماعية".

ويشير إلى أن هذه الأكلة الشعبية "انتشرت في فلسطين بسبب كثرة مزارع الزيتون، وسميت المسخّن لعلاقة هذه الطبخة بالزيت الكثير والنار، وكانت قديما تطبخ بالطابون، وهو ألذ بكثير من الأفران الحديثة".

المسخّن أو المحمّر

المسخّن أو المحمّر هو طبق فلسطيني من الدجاج المشوي المطبوخ مع البصل والسماق والزعفران مع حبوب الصنوبر وزيت الزيتون، ويتم تقديمه على خبز الطابون، وقد جاءت هذه المكونات من البيئة الفلاحية في فلسطين.

معلومات غذائية

تحتوي كل وجبة مسخّن أو محمّر على المكونات الغذائية التالية:

السعرات الحرارية: 1292 سعرا

البروتين: 59 غراما

الكربوهيدرات: 77 غراما

مجموع الدهون: 82 غراما

منها المشبعة: 13 غراما

الكوليسترول: 151 مليغراما

أكبر صحن مسخّن في موسوعة "غينيس"

في أبريل/نيسان 2010 سجل 40 طباخا فلسطينيا رقما قياسيا جديدا بتحضيرهم أكبر صحن مسخّن في قرية عارورة، ودخلوا موسوعة "غينيس" للأرقام القياسية العالمية.

ووصل قُطر صحن المسخّن إلى 4 أمتار، وبلغ وزنه حوالي 1.35 طن، واستخدم في تحضيره نحو 500 دجاجة و170 لترا من زيت الزيتون و500 كيلوغرام من البصل و70 كيلوغراما من الصنوبر و50 كيلوغراما من السمّاق، وأضيف إليه 200 كيلوغرام من الطحين.